أنا أسأل وأنت تجيب
هذا الكتاب
يعالج مشكلة ما تعودنا عليه في العصور الأخيرة
من الركون والخمول والخلود إلى الراحة في أمر الدين، مكتفين بما قدم الأولون، وكأن
الدين ما نزل إلا للسابقين، فأوجب علينا رجال الدين ـــ وأتعمد تلك الكلمة ـــ إلا أن نكون مثلهم مقلدين،
وإلا صرنا خوارج مارقين ومهرتقين ومتفلسفين، على حد قول الذين هم من هذا الأمر
الراكد مستفيدين، حتى لا يظهر جهلهم بالدين وهم مُعممين، فيسارعوا برفع هذه السيوف
وغيرها في وجوه الباحثين المفكرين، الساعين لزيادة إيمان المؤمنين بنص كتاب رب
العالمين، وكذا في وجوه السائلين.
فهذا محاولة من محاولات المؤلف العديدة للإلقاء بحجر طِيبٍ، في بحر
المسك الساكن، لينبعث شذا عبيره الفواح، فيحدث في القلوب الانشراح، فيهبها كثيراً
من الارتياح، فينشط العقل الذي كاد أن يكون قد راح، فأحبت أن يضع هذا الكتاب
بأسلوب غير معتاد، في محاولة لإشراك القارئ في المسئولية الفكرية، لإظهار جمال مكنون هذا الدين، والخروج من أغلال الأسئلة التقليدية، التي قرروها
وكرروها علينا حتى مجتها الآذان، وسئمتها الفطر السليمة، التي ترفض الخمول الفكري، وتعطيل العقل، وتحث على الإبداع والتجدد والابتكار لا التكرار، فجعل المؤلف القارئ بين أمرين:
إما مجيب عن أسئلة لا تكاد تطرح، فينشط عقله ويعتاد البحث عن السؤال
الجديد دائما، ومحاولة الإجابة الذاتية عليه.
وإما مفكراً في محاولة للإجابة، عن المطروح، فإن لم يفلح، فهو باحث عن من يجيب له على السؤال، ثم يعتاد على كيفية صياغة السؤال، ولا يغتر بالمتشدقين بالدين، فيعرف من هو الذي يستحق أن يطلق عليه عالم دين، ومن هم المدعين وإن كانوا مُعممين.
المؤلف
